أصبح الخيال العلمي، موضوع يثير الجدل والنقاش، حيث تجاوز حدود الخيال البشري بكثير، ويوجد هناك أسرار وألغاز كثيرة غامضة حتى وقتنا هذا، ومن ضمن هذه الألغاز هي الثقوب السوداء والسفر عبر الزمن، الثقوب السوداء ليست مجرد مناطق ذات جاذبية عالية تبتلع كل شيء يقترب منها، بل هي أيضًا مواضيع تثير الفضول العلمي والخيال الإنساني، خاصةً عندما نتحدث عن السفر عبر الزمن.
فتظل الأفلام والقصص الخيالية، تناقش الفكرة المسيطرة على عقول بعض البشر وهي السفر عبر الزمن، هذه الفكرة احتلت مركزا كبير في الكثير من النقاش العلمي، بفضل الثقب الاسود، فسوف نبحر في هذا المقال عن أسرار الجاذبية وماهي الثقوب السوداء والسفر عبر الزمن، وأهم النظريات التي أجريت عليها، وماذا يحدث عند دخول الثقوب السوداء والثقوب الدودية، تابع معنا هذا المقال للتعرف على كل مايفيدك.
ما هو مفهوم الثقب الاسود؟
الثقب الاسود هو نهاية لحياة نجم ضخم، حيث يتحول هذا النجم إلى منطقة فريدة في الفضاء، على عكس ما قد يوحي به اسمه وهو الثقوب السوداء، معظم التصورات الوصفية للثقوب السوداء أنه فارغا تماما، ولكن هذا ليس صحيح بل هو تجمع للجسيمات في منطقة صغيرة جدًا ذات كثافة وكتلة طاقة هائلة، هذه الكثافة العالية ناتجة عن تماسك ذرات النجم بشدة، حتى أن المسافات بين هذه الجسيمات تكاد تكون منعدمة.
علاوة على ذلك ايضاً، يتميز الثقب الاسود بقدرته الفائقة على امتصاص كل ما يحيط به، سواء كانت نجومًا، مجرات، أو أي شيء آخر، بغض النظر عن حجمه أو سرعته، حيث أن جاذبيته العظيمة تجعله قويًا بما يكفي لمنع حتى الضوء من الهروب، مما يجعله يبدو كبقعة سوداء في الفضاء، ومن هنا جاءت تسميته بالثقب الاسود.
من الواجب معرفته أيضا، أن أحجام الثقوب السوداء متنوعة، تتراوح من الصغيرة جدًا والمكثفة، إلى تلك الهائلة التي قد تزيد كتلتها عن كتلة الشمس بعشرين ضعف.
كيف بدأت نظرية الثقوب السوداء black holes؟
قام العالم الإنجليزي سايمون، والعالم الفرنسي جون ميشيل في عام 1790 بتصور أنه يوجد في الفضاء نجومًا مخفية، وفي عام 1915م، ظهرت النظرية النسبية لآينشتاين والتي اعترفت بوجود الثقوب السوداء وكيف تؤثر نشأتها على الزمان أو ما يعرف بمنطقة الزمكان كما ذكرنا.
ثم بعد ذلك، اكتشف العالم جون ولير عام 1967 نظرية تكون الثقب الاسود في عام 1967، فقد تم رصد جسم غير مرئي عام 1994 في مركز المجرة يلتف حوله الغاز في دوامة، تم رصده عن طريق مرصد يسمي بهابل، حيث يصل وزن الجسم الغير مرئي نحو ثلاثة آلاف مليون وزن كتلة الشمس، كما تم التحقق من هذه المعلومة عن طريق الأشعة السينية التي حول الثقب الاسود.
ما هي فكرة استخدام الثقوب السوداء للسفر عبر الزمن؟
تتطرق فكرة استخدام الثقوب السوداء في السفر عبر الزمن على أنه من الممكن أن يؤدي الانحناء الشديد للزمكان إلى توصيل نقطتين متباعدتين فيه، هذا يعني أنه إذا تمكنا من إيجاد أو إنشاء مسار مغلق في الزمكان، قد يصبح من الممكن العودة إلى النقطة الزمنية والمكانية التي انطلقنا منها.
ومع ذلك، يعتقد بعض العلماء أن السفر إلى الماضي قد لا يكون ممكنًا، وأن السفر سيكون دائمًا إلى المستقبل، الجزء المهم في هذه الفكرة يتعلق بالسرعة التي يجب أن تكون قريبة من سرعة الضوء، وفي إطار نظرية النسبية، يمكن ملاحظة هذه الفكرة من خلال المقارنة بين تجربة الزمن لشخص يسافر في صاروخ وتجربة توأمه الذي يبقى على الأرض.
هل يمكن أن نرى الثقوب السوداء في الفضاء؟
لا يمكننا رؤية الثقوب السوداء بالعين المجردة كما نرى القمر، الرصد الفعلي لهذه الأجسام الفضائية الغريبة يتطلب منا استخدام تلسكوب متخصص وأجهزة متطورة للغاية، السبب في ذلك هو أن الثقوب السوداء لا تصدر ضوءًا، فهي معتمة تمامًا، وبالتالي تبقى غير مرئية حتى مع الاقتراب منها.
يمكننا أن نتعرف على وجود الثقوب السوداء من خلال التأثيرات الناتجة عن نشاطها الشديد، عندما تجذب الثقوب السوداء الأشياء المحيطة بها، تزداد حرارة هذه الأشياء بشكل كبير، مما يؤدي إلى إطلاق الأشعة السينية نتيجة لهذا الاحتكاك الشديد، ومع ذلك، الفلكيون اكتشفوا هذه الأشعة وبدءوا يستخدمونها لتحديد مواقع الثقوب السوداء.
وفقًا النظرية النسبية لأينشتاين، تسبب الجاذبية الهائلة للثقب الأسود في تقوس الفضاء المحيط به، وعلى ما يبدو أن هذا التقوس يؤثر على مسارات الضوء المجاور، مما يجعلها تنحني بدلًا من السير في خط مستقيم، ومن الجدير بالذكر أيضا، أن هذه الظاهرة تعتبر دليلًا آخر على وجود هذه الأجسام الفضائية المثيرة للدهشة.
كيف يتكون الثقب الاسود؟
من خصائص الثقوب السوداء أنه عبارة عن نجوم، حيث أن نهاية بعض النجوم يمكن أن تتحول إلى ثقوب سوداء، لكن، هذا لا يحدث لكل النجوم، باعتبار أن المفتاح لهذا التحول هو كتلة النجم، على سبيل المثال، النجوم التي لا تصل كتلتها إلى 1.4 ضعف كتلة الشمس لا تتحول إلى ثقوب سوداء، بل تنتهي كأقزام بيضاء أو نجوم ميتة.
عادةً، النجوم لا تنهار بسهولة بفضل الضغط الكبير الذي تولده من داخلها نحو الخارج، مما يحول دون انهيارها، ولكن، عندما يقل الهيدروجين داخل النجم ، تبدأ الضغوط الداخلية بالعمل، وتبدأ تفاعلات الاندماج لعناصر مختلفة مثل الليثيوم، الكربون، النيتروجين، والحديد، في هذه المرحلة، لا يستطيع النجم العودة لحالته الأصلية أو توليد الضغط الكافي لمنع الانهيار.
بالإضافة إلى ذلك، النجم يتأثر بتوازن بين قوتين، أول قوة هي قوة الجاذبية التي تسحبه نحو المركز، وثاني قوة هي قوة ضغط الغاز التي تدفعه نحو الخارج، فعندما تفقد هذه القوى توازنها، يحدث الانهيار، لذلك، تصبح القوى الجاذبة أقوى من قوة الغاز، مما يؤدي إلى انهيار النجم وإطلاق طاقة هائلة، وبالتالي يتكون الثقب الأسود، في النهاية، من الجدير بالذكر أيضا، أن الثقب الأسود ينشأ من انهيار نجم ضخم، أكبر بكثير من كتلة الشمس.
ما الذي يحدث عند الدخول في الثقب الاسود؟
عند دخولك إلى الثقب الأسود سوف تدخل في المركز مباشرة، في هذا الثقب، القوى الطبيعية كما نعرفها تتلاشى تمامًا، تندفع باتجاه مركزه، متجاوزًا الحواف والمحيط الخارجي دون لمسها، وبمجرد الوصول إلى هذا المركز الغامض، يحدث شيء خارق للعادة، تجد نفسك قد انتقلت إلى سماء أخرى، بعيدة ومختلفة تمامًا.
هناك فرضيات تقول إن جسم الإنسان عند اقترابه من ثقب أسود يتمدد ويصبح شبيهًا بالمعكرونة، قد يؤدي هذا في النهاية إلى انفصال الرأس عن الجسم، ثم يتلاشى تمامًا. ومع ذلك، يعتقد علماء النسبية، الذين يتبعون نظرية آينشتاين، أن الإنسان عند دخوله هذه النقطة المجهولة في الكون لا يشعر بأي شيء؛ فهو يطفو فقط في الفضاء، في رحلة خارج حدود الواقع.
هل يوجد ثقوب سوداء في مجرتنا؟
مجرة درب التبانة يوجد ثقب أسود، قد تم التحقق منه، حيث يبلغ كتلته حوالي ثلاثة ملايين من كتلة الشمس، كما أنه يبعد عن الشمس بحوالي أو ما يقارب 24000 سنة ضوئية، وبهذا فإنه بعيد جدًا عن الأرض، بحيث لا يمكن أن يشكل خطرًا على الأرض، بالإضافة إلى ذلك، يوجد العديد من الثقوب السوداء في المجرات الأخرى.
هل ذكر الثقب الاسود في القرآن الكريم؟
العلم الحديث بدأ مؤخرًا بالحديث عن الثقوب السوداء، بينما يُشار إلى أن القرآن الكريم قد تطرق إلى هذا المفهوم من قبل، في القرآن، يُذكر مصطلحات مثل ‘الخنس’، ‘الجوار الكنس’، حيث يُقسم الله تعالى بها. ‘الخُنَّس’ تُشير إلى ما هو غير مرئي ويختفي، وهو وصف يُمكن أن ينطبق على الثقوب السوداء التي تتحرك بسرعة هائلة في الفضاء ولا تُرى، والجوار هي التي لا ترى، وتختفي، وكلمة الكنس فيما معناها أنها تبتلع اي شي امامها.
الاسئلة الشائعة
بعض الأسئلة الشائعة والمتكررة حول الثقوب السوداء والسفر عبر الزمن:
هل الثقوب السوداء آلة للسفر عبر الزمن ؟
الإجابة ببساطة هي: لا. رغم الاعتقاد الشائع والمغلوط بأن من آلات السفر عبر الزمن هي الثقوب السوداء التي تشكل بوابات إلى أزمنة وأماكن مختلفة، لا يوجد في الواقع أي دليل علمي يؤكد هذه الفرضية. بينما تحمل مجالات الجاذبية القوية للثقوب السوداء تأثيرات ملفتة للنظر، فإنها لا تشكل طريقة عملية لتجاوز حدود الزمان والمكان. في الحقيقة، من شبه المؤكد أن أي محاولة لاستخدام الثقوب السوداء في السفر عبر الزمن ستؤدي إلى عواقب وخيمة وفشل ذريع.
ما هي خصائص أفق الحدث؟
أفق الحدث هو الحد الذي لا يمكن بعده لأي شيء، حتى الضوء، الهروب من الثقب الاسود. يُعرف أيضًا باسم نقطة اللاعودة.
هل يمكن بالفعل السفر عبر الزمن باستخدام الثقوب السوداء؟
الجواب المختصر هو: لا نعرف. هناك نظريات علمية تشير إلى أنه قد يكون من الممكن السفر عبر الزمن باستخدام الثقوب السوداء، ولكن لا يوجد دليل تجريبي يدعم هذه النظريات.
ما هي التحديات التي تواجه علماء الفيزياء في فهم الثقوب السوداء والسفر عبر الزمن؟
تتمثل إحدى التحديات الرئيسية في فهم الثقوب السوداء في أن الجاذبية في هذه المناطق شديدة جدًا لدرجة أن قوانين الفيزياء كما نعرفها قد لا تنطبق. يواجه علماء الفيزياء أيضًا صعوبة في اختبار نظريات السفر عبر الزمن، لأنه من الصعب إنشاء تجارب في المختبر يمكن أن تعكس الظروف الموجودة في الثقوب السوداء.
هل هناك نظريات بديلة للسفر عبر الزمن غير الثقوب السوداء؟
نعم، هناك نظريات بديلة للسفر عبر الزمن غير الثقوب السوداء. تتضمن هذه النظريات:
- الثقوب الدودية: هي أنفاق افتراضية تربط بين نقطتين في الفضاء-الزمان.
- الالتفاف الزمني: هو مفهوم أن الزمن يمكن أن ينثني حول الأجسام ذات الكتلة الكبيرة، مما يسمح للسفر إلى الماضي.
- السفر عبر الأبعاد الإضافية: يشير إلى إمكانية وجود أبعاد إضافية غير مرئية لنا، والتي يمكن استخدامها للسفر عبر الزمن.
ما هي الآثار المترتبة على إمكانية السفر عبر الزمن؟
من المحتمل أن يكون للسفر عبر الزمن آثارًا عميقة على المجتمع البشري. يمكن استخدامه للسفر إلى الماضي وتغيير التاريخ، أو لزيارة عوالم أخرى. ومع ذلك، هناك أيضًا إمكانية أن يؤدي السفر عبر الزمن إلى آثار غير مرغوب فيها، مثل خلق مفارقة أو إحداث اضطرابات في مسار التاريخ.
هل من الممكن السفر إلى الماضي باستخدام الثقوب السوداء؟
من الممكن نظريًا السفر إلى الماضي باستخدام الثقوب السوداء، ولكن هناك العديد من التحديات التي يجب التغلب عليها قبل أن يكون هذا ممكنًا عمليًا. إحدى هذه التحديات هي أن الثقوب السوداء تتطلب كثافة هائلة من الكتلة، وليست هناك طريقة معروفة لإنشاء مثل هذه الثقوب السوداء في المختبر.
هل من الممكن السفر عبر الثقوب السوداء دون التعرض للدمار؟
لا نعرف ما إذا كان من الممكن السفر عبر الثقوب السوداء دون التعرض للدمار. يعتقد بعض العلماء أنه من الممكن أن يتسبب السفر عبر الثقب الاسود في تمزيق الجسم إلى أشلاء، بينما يعتقد البعض الآخر أنه قد يكون من الممكن السفر عبر الثقب الأسود دون التعرض لأي ضرر.
ما هي التجارب العلمية التي يمكن إجراؤها لاختبار إمكانية السفر عبر الثقوب السوداء؟
يمكن إجراء العديد من التجارب العلمية لاختبار إمكانية السفر عبر الثقوب السوداء. تتضمن بعض هذه التجارب:
- البحث عن الثقوب الدودية: يمكن استخدام أجهزة الكشف عن الأشعة تحت الحمراء لبحث السماء عن الثقوب الدودية.
- دراسة الجاذبية في البيئات الشديدة: يمكن استخدام تجارب في المختبر لدراسة الجاذبية في البيئات الشديدة، مثل تلك الموجودة في الثقوب السوداء.
- تطوير نظريات أكثر دقة للسفر عبر الزمن: يمكن أن تساعد النظريات الأكثر دقة للسفر عبر الزمن في تحديد ما إذا كان السفر عبر الزمن ممكنًا عمليًا.
ما هو مستقبل أبحاث الثقوب السوداء والسفر عبر الزمن؟
من المرجح أن تستمر أبحاث الثقوب السوداء والسفر عبر الزمن في السنوات القادمة. قد يؤدي التقدم في فهمنا لهذه الظواهر إلى تطوير تقنيات جديدة يمكن أن تسمح لنا باختبار إمكانية السفر عبر الزمن.
المراجع
وسوم
- الثقوب السوداء
- السفر عبر الزمن
- نظرية النسبية العامة
- أفق الحدث
- النسيج الزمكاني